كانت تجلس وحدها بين جدران هذا المنزل الذي شهد الكثير من الأحداث التي دارت بينهما, لقد شقت طريقـًا طويلاً نحو هدفها المرسوم داخل نفسها منذ أن تسلمت زمام الأمور, آلت على نفسها أن تعطي و تعطي طالما فيها عرق ينبض, جلست تنظر إلى الهاتف العتيق الذي يحمل بسماتها التي أخذت من لونه, تنتظر منه أن يُصدر ضجيجه المحبب إلى نفسها, فهو الصوت الوحيد الذي يؤنس وحدتها بعدما مات نصفها, كانت تنتظر موعد الرنين كأنه يوم العيد, فهو الشريان الذي يصل الدم بين قلبها و قلبه, الفرع الذي انفصل عن الشجرة و لكنه لم يسقط, غاب عن عينيها و لكنه لم يغب عن قلبها لحظة واحدة, فهو ينتمي إلى كل كيانها ..........
طال انتظارها هذه الليلة, و هي قد شردت بعيدًا تسترجع الشريط الحافل بالذكريات, مر عليها دون أن تحسب له طولاً و لا عرضاً, فلقد أحبت كل مشهد فيه, زمان الدفء- عندما كانت الأنفاس تملأ المكان عبقـًا محببـًا – و هذا الزمان البارد الذي أخذ منها كل الأنفاس, بعض الأمل يتجدد, حبلٌ يضعف و لكنه لا ينقطع, غرقت عينيها في الدموع عندما مر الموعد المنتظر دون رنين, أحست بالبرد الشديد فضمت ملابسها عليها لتحس بالدفء, طال انتظارها دون فائدة........أخيرًا شق صوت الرنين هذا السكون و لكنه كان في كهفٍ باردٍ........ بلا أنفاس.