لو لم يقدر للغد أن يصل .

نسيم مع غيم , صمت مع رياح ..ثم أعاصير متعددة الألوان , غريبة هي تلك اللحظات , غريبة هي تلك الذكريات ..تتصادم بينها وتقاسمه رواحه ومجيئه على باب الإنتظار , تقاسمه تشاؤمه , تقاسمه دعاءه وصلواته تستفز الدموع وتزيد قلبه المفزوع قفزا ونبضا ..ماذا لو ..؟؟ أو لو ...؟؟

ولافتة غرفة العمليات الموضوعة أمام باب العذاب ذاك مشتعلة ..تلمع بأن هناك من يُعذب داخلها .. العملية تسير بعيدا عنه وهو وراء الباب يرسم ويخطط ..يستغفر ويلعن .. مرة يصدم يده ومرة يغطي وجهه.. ما الذي فعلته ؟؟ ولما حدث هذا لها ..إنه خطئي ..أنا السبب !!! اللعنة علي أنا ..

ساد صمت قاتل زاد من حرقة دموعه وزاد من هيجانه وتأنيب ضميره المنفعل .. وصل الوالد أولا ووجوم مخيف يعتريه :

- كيف حالها ؟ هل هي بخير ؟ ما الذي حدث ؟ ماذا قال الطبيب ؟؟ لماذا تحتاج عملية ؟ لم تكن مريضة من قبل .. هيا أخبرني وكف عن الصمت كالتمثال .. ما الذي فعلته لها وما الذي تفعله أنت هنا أصلا !! ألم تفترقا وانتهينا من حكايتك .. حقا إنك لعنة صبت على حياتها البريئة . ارتاحت من وجهك كل هذه الشهور وها أنت تظهر فجأة أمامها كالبومة ...أين هي !!

غلبت الدموع الوالد بسلطانها فصمت قليلا ثم أتبع معترفا بأسى ...

- لقد كانت وحيدة حقا , قالت لي أنها تراك في كل أرجاء الدنيا ..حمقاء هي بقلبها بسيطة جدا في حياتها .. أصبحت أنت دنيتها في لحظة رغم قسوة هروبك إلا أنها البارحة عزمت على الرحيل والبحث عنك مهما كلفها ..رغم حالتها تلك !!..

قاطعه الرجل – الزوج - قائلا بلهفة الاكتشاف ..

- أية حالة تتكلم عنها لقد قلت أنها لم تكن مريضة ..ما الذي تقصده ؟؟..

تجاهل الأب السؤال غاضبا ثم قال محاولا تغيير وجهة الحوار..

- أخبرني ما الذي حدث لها ..هيا ..ما الذي تفعله هي هنا في المستشفى وفي هذه الغرفة المشئومة بالذات ؟؟

تنهد الزوج متألما وغصة تقتل كلماته : تلقيت اتصالا من المستشفى برقمها مستفهمين عن علاقتي بصاحبة هاته الشريحة الهاتفية التي وجدوها مرمية أمام مالكتها .. فأجبتهم بأنها قد كانت زوجتي فما الذي حدث .. فقالوا : نرجو منك الحضور وإخطار أفراد العائلة بأنها في العناية المركزة وقد تضطر للقيام بعملية هذا فقط مقدار ما نستطيع التصريح به من المعلومات فيما يتعلق بحالتها ..

قطعت المحادثة بينهما بانطفاء ضوء اللافتة المعلقة على الباب وخروج الطبيب وهو يجاهد لنزع كمامته برعشة وعنف . قابله الاثنان في الطريق ودموع التساؤل تلمع من عيونهما .. ثم تكلم الطبيب :

- أنا أسف حقا حاولنا بكل جهدنا إنقاذ حياتها بعد النزيف الداخلي الكبير لكننا لم نوفق سوى في إنقاذ الجنين وهي فتاة وأما أمها فالبقية في حياتكم ..لقد فقدت الكثير من الدماء من اثر تلك الطعنات التي تعرضت لها عند الاعتداء الحقير و تأخر اكتشاف الجريمة قد ساهم كثيرا في ذلك رغم صمودها الكبير وقوتها المذهلة ا ..إلا أنها لم تنج فمن المستحيل لمن تعرض لكل تلك الطعنات أن يعيش ساعة فقط ..وهي قد قاومت حتى ذاك المعتدي اللعين وقاومت طول الليل وبقيت على قيد الحياة حتى وُجدت صباحا ..أسف حقا لخسارتكم وتقبلوا تعازي القلبية الخالصة.

ساد ذهول كبير على وجهي الرجلين طوال محادثة الطبيب ولم يستفيقا حتى انتهي من تقديم التعازي فانطلق الوالد يصرخ في اتجاه غرفة العمليات: .. ابنتي حبيبتي ..أين هي ..ما الذي حدث لها .. من فعل بها هذا ..أين أخذتم صغيرتي ودميتي الغالية ..أين هي ..وغاب صوته عن أعين الطبيب المغرورقة بالدموع أما الرجل فلم ينبس ببنت شفة وسالت الدموع بغزارة الوداع وسقط هو معها متكئا على الحائط حتى نزل على ركبتيه وبدأ بالبكاء بهستيرية كبيرة ولسان حاله يقول ..ظننتنا أنا وأنتي ضد ظلم العالم ..وإذا بك تواجهينه وحدك بروعتك, خنتكِ ببعدي ..فأحببتني ببعدِك .. ودعتك بأنانيتي ..فأرجعتني بتضحيتك ..لا أملك الآن إلا قطعة منك سأحتضنها دوما تكفيرا عن ذنبي وأعلم أن هذا لن يكفي ..الوداع أيها القمر ..الوداع أيتها الملائكة ..الوداع لآمالي .. اللعنة على ضياعي ومرحبا بك يا جنوني وعذابي ...

حقيقة ما حدث في الظلام : رسالة مع النسيم لن تستطع العائلة سماعها..

في لحظات أواخر الليل

ضاعت في أحلامها المسالمة

في طريقها الدامسة للنور

وفكرة تسبح معها ..مرت بخاطرها

لو لم يقدر لي أن أفيق في الصباح ؟؟

هل سيشك يوما بما أملك في قلبي له

لو لم يقدر للغد أن يصل ...!!

أتمنى أن يعرف كم أحببته وِهمتُ به

حاولت بكل الطرق والسبل

لأرسم مشاعري لك كل يوم

أنت الوحيد الذي أملكه في قلبي

ويملكني .. يا حبيبي

أحببتك كما أحببت الغد الجميل

وداعا يا روحي

لو انتهى زمني في هذه الحياة ..

فستواجه هذه المسكينة العالم بدوني

هل الحب الذي ملأتكِ به في الماضي

سيكفيكِ لتواصلي .. بعد حياتي

سقيتك حبي وحنيني من عروقي

يا بنيتي ..يا نور قلبي ...يا قطعة من فؤادي

متأسفة أن رميتكِ لظلمة الحياة وحيدة

وتلمست بطنها في دهمة اللحظات

لو لم يقدر للغد أن يصلني

لقد فقدت العديد في حياتي

لكنهم لن يعرفوا كم أحببتهم

الوداع لكم جميعا وآسفة لوداعي

سامحوني على فرقتي ..

فإن عيون الشر تتربص بي

ومقصدها يلمع من عيونها أحمرا

لا تريدني ..حتما لا ..بل تريد السراب

ليس يخيفني وجودها وحقدها

ولن تخيفني وحدتي وقوتها بسلاحها

تلمع عيون الشر مقتربة برهبة

وتلمع معها ذكرياتكم في قلبي

وتلمع معها النهاية بعيدا عن عيونكم الغالية

الوداع أيها الغد ..فأظنك لن تصلني أبدا ...

م
ن
ق
و
ل

شكرا لك على الموضوع

العفو اختي منوره ...

النور نورك اخي

مشكور يا خي على الموضوع

منور صفحتي بردك العطر ..

مشكورررر سلمت يداك

انت العطر الله يسلمك
مشكور على المجاملة
هههههه

شكرااااااااا على الموضوع الجميييييييييييل

مشكور على الموضوع ااكثر من رائع

aaa

اشكركم جميعا على ردودكم الرائع

مشكور يا غالي

» لغز صعب من يقدر على حله يدخل